عذراً عدن
يمنات
كانت البدايه عندما زرتها لكي اطمئن على حالة جدي الصحيه . تصورت لي كانها فتاة في اول شبابها رغم كل التشوهاات التي في خدها وجبينها . رائحتها تشبه القرنفل , اسرني كل شي فيها .. تعلقتوا بها حتى الثماله .. حتى عشتو فيها .
انها رئة اليمن النابض بالمدنيه عدن .. اه اه تضمد جراحها باسبرين منتهي الصلاحيه .
بحثت عن تفاصيلها وتعمقت فيها . عشتو كل لحظه بكل الحالات . صمت . ضجيج . حب . طفش. سعاده … اتذكر كل شي فيها .
ما زلت أتذكر رائحة القرنفل الفواحة من زوايا المعلاء , أتذكر جدي الكاهل وحكايته مع سوق الخضرة , اتذكر الغبار الذي كان يتحرش برموش الصبايا , ذاك الهواء الذي كان يحملني من كريتر الي الشيخ عثمان , على نغمات محمد سعد عبدا لله , رغم ان ذاكرتي لم تستوعب غير اللعاب البلاستيشن , وأحجار النرد , ومع ذالك ما زلت محتفظً بكل التفاصيل – المنصورة وأولادها الأشقياء الذين كسروا لعبتي , رغم جمالها , غير أنها تشبة " الدبابة " – رائحة العُشار الفواحة من مطبخ الجيران – كم كان يتعبني ذلك " الكمر " و " الفوطة " و " الشنبل " الذي كنت ألبسة عندما أرافق جدي الى جولة " زكو " .
اشاهدها الان امامي .. اتابع همسات ابنائها .. شي واحد لا اريد ان اذكره , حينما دخلت احد سجونها .. عندما قبضو عليا متلبس بجريمه جزائها الاعدام . عندما خرجت بمظاهره تطالب بالحريه الابنائها في كريتر . هناك تم الاعتقال – شهرين من الغربه في السجن كنت اراها تبتسم وتقول لي سننجو وسننتصر … وحينمها خرجت زدو حبا لها .
وما يحزنني الان هو المعاملة الابناء المدينه بنفس النهج السابق , الرئيس جنوبي , الوزير جنوبي , الحكومه جنوبيه . اذا كانت المشكله البيت والا الارض مستعدين نرجعها اهم شي تحتل القضيه .
ان " الجنوب " اكبر من مجرد وزارة او مجرد قطعة ارض , أنها قضية إنسان وكرامة , شوهوه كل شي جميل في عدن , خدشوا جمالها وحيائها , استباحوا " كرامتها " قتلوا " إنسانيتها " هتكوا "حرمتها" , اغتصبوا "مدنيتها" إذا هي قضية وطن يحمل جراحه بكفيه المثقلة بالجروح .
لن اقول الا!!!!
عذراً عدن فأن المسافات طويلة …
لماذا تغيرتي يا عدن ؟ ام انهم غيروك بلغة الموت ؟
اعذريني يا عدن اعذريني يا عدن